الوصف:
هي رواية عن المصلح الكبير الطاهر الحدّاد بلسان حبيبته المتخيَّلة.. “إنّ مكانًا لا يُؤنّث لا يُعوّل عليه” هذا ما قاله المتصوّف الكبير ابن عربي، لكنّ أميرة غنيم تنقل القولة إلى حيّز التاريخ، التاريخ الذي كتبته السلطة الذكورية والثقافة الذكورية، فتؤنّث التاريخ. لوحة الغلاف للفنان الجزائري، الصديق رشيد طالبي، وكتب الروائي شكري المبخوت في تعريف الرواية: تلتقط هذه الرواية ببراعةٍ منعرجاتٍ مهمّةً من تاريخ تونس المعاصر، بل تاريخها الراهن أحيانا، وفيها يغدو البحث عن السُّلالة وأسرار «البَلْدِيّة» إيذانًا بالبحث عن الذات ومعنى الوطن وتاريخه، بيد أنّه تاريخٌ آخر يكتب من خلال حكايةٍ مُتخيَّلة بطلُها المصلح الكبير الطاهر الحدّاد.
وعلى الرغم من أنّ المراجع التاريخيّة لا تذكر شيئًا عن علاقة الحدّاد بالنساء عدا دفاعه المستميت عنهنّ فإنّ صاحبة الرواية تجزم، بقوّة الخيال، أنّه عشق «للاّ زبيدة». لذلك لن يرى القارئ في المستقبل سيرةَ الحدّاد من غير حبيبته زبيدة. وهذا من سحر التخييل الروائيّ وعلى المؤرّخين أن يكذّبوا الروائيّين إن وجدوا سبيلًا إلى وثيقةٍ أو شهادة وأنّى لهم ذلك. لقد شبّهتُ مرّاتٍ قصّةَ تونس غير المكتوبة بالفسيفساء البديعة لثرائها وفرادتها. وأكبر ظنّي أنّ رواية أميرة غنيم هذه، إذ تروي ببراعةٍ ومعرفةٍ عميقة شيئًا من قصّتنا التونسيّة، ستحتلّ، ولا ريب، موقعاً ممتازاً ضمن مدوّنة السرد العربيّ، وهي إذ تعرض علينا قصّتنا تمنح النساء الصوت الأعلى لروايةِ فصولٍ من تاريخ البلاد السرّيّ، أَفَلَسْنَ هُنّ حافظات الذاكرة الحقيقيّة وفاضحات الذكوريّة البائسة؟
- المؤلف: أميرة غنيم
- الناشر: دار مسكيلياني
- اللغة: Arabe
- تاريخ الصدور: 2020
“نازلة دار الأكابر” هي رواية للكاتبة التونسية أميرة غنيم، وهي واحدة من الأعمال الأدبية البارزة التي تساهم في إثراء الأدب العربي المعاصر. تستند الرواية إلى خلفية تاريخية واجتماعية معقدة، تستعرض من خلالها الكاتبة جوانب متعددة من الحياة التونسية في فترة معينة من التاريخ، ممزوجة بعناصر درامية وشخصيات معبرة تجعل من العمل قطعة أدبية فريدة.
ماذا لو تزاوج اللسان العربي القٓحُّ بلهجة عربية تونسية ؟
كيف سيكون النتاج و من سيكون المولود ؟
ما إن تطأ قدمك نازلة دار الأكابر و أنت تستكشف معالمها عتبة فعتبة حتى تجد نفسك في خليط متجانس لطيف بين العربية الفصحى التي تُنتقى ألفاظها فيُتخير منها أقربه إلى اللهجة التونسية و ما تركه تسرب الثقافات و اختلاطها من كلمات عربية جرت على اللسان التونسي دون أن يشوبها تغيير أو فرنسة ، فنرى الكاتبة بذكائها تضع ‘غالط’ عوضا عن خاطئ و تكثر من الأمثلة الشعبية التي لا يقف حائرا أمام معانيها من أتقن العربية و أدعية التونسي الأصيلة من قبل ‘يزين سعدك’ ‘يفرحك ‘ يحلها في وجهك’ بل و تصف حتى لغات الأعين و الإشارات بالشكل الذي يأصل النص في بيئته التونسية
كيف يصنع هذا القلم لغة بهذه الخاصية كيف تكون اللغة تونسية عربية بهذا الإتقان ؟ و كأن كتابة نص عربي في فضاء تونسي و بشخوض و تفاصيل تونسية صنعت لغة أخرى ينبها إليها كل قارئ نبيه
تأخذك الرواية من معصميك إلى تونس في الثلاثينات و تُجلسك على كرسي من حديد وسط حديقة قليل شجرها قبالة جامع صاحب الطابع و تُعاد أمامك التفاصيل الحقيقية كما خُيل للكاتبة أنها تمت فترى عربة زبيدة تمر إلى منفذ باب الخضراء في طريقها و محسن للمسرح البلدي و ترى خدوج ملتفة في سفساري متقن كويه تعبر الشارع في اتجاه محطة ‘ باب العسل ‘ لتنتظر الميترو المتجه إلى منوبة متعللة بمرض أختها لتفسج بوصولها عنان شهوة جسدها المكبوت و ترى أجواء الحياة التونسية العتيقة من صبية يخرجون من الكتاتيب يعاودون ما علق بأذهانهم من ملة شيخهم من قصار السور و رجال يجلسون على عتبات المقاهي ينتظرون أخبارا حديثة عن آخر تطورات سياسية
غير أن أميرة غنيم تأخذك من معصمك مجددا لتسمح لك بكشف هذه الشخوص و بواطنها و علاقاتها و مواقفها من الأشياء. بل و تشهدك من خلال شهاداتها على الوقائع التي تخيلتها و التي غيرت مسار كل شخصية منها بقدر سواء في دار النيفر أم دار الرصاع التي خصت بهما الكاتبة نسيجا عائليا لخريطة من العلاقات تفسرها قبل بداية القص
مع كل شخصية تجد نفسك تتعاطف و تتأثر غير أن تغير الراوي لا يلبث أن يصنع حيرتك لتعلم ضمنيا أن كل رواية محكومة بالأساس برؤية قاصها و أن التاريخ على موضوعيته يطتب كل مؤرخ على هواه و كما بدى له
روية تاريخية عاطفية سياسية اجتماعية تونسية في آن تطلعك على أكثر التفاصيل التي ‘ من قاع الخابية ‘ في قص ممتع يقحمك في عوالمه اقحاما
Mendîlî Salma
- الإشادة بالسرد والتاريخية: العديد من القراء أشادوا بقدرة أميرة غنيم على مزج الأحداث التاريخية مع السرد الروائي بطريقة سلسة ومشوقة. الرواية قدمت لهم فرصة لاستكشاف فترة هامة من تاريخ تونس من خلال عيون شخصيات متخيلة، مما جعل الأحداث أكثر قربًا وإنسانية.
- الشخصيات والتطوير: كثير من القراء أعجبوا بتطوير الشخصيات في الرواية، وخاصة شخصية “فاطمة”. تمكنت غنيم من رسم شخصيات متعددة الأبعاد، لكل منها قصتها وصراعاتها، مما أضاف عمقًا للرواية وجعل القارئ يتفاعل مع الشخصيات بشكل أكبر.
- اللغة والأسلوب: اللغة المستخدمة في الرواية كانت موضوعًا للكثير من الإشادة. غنيم استعملت لغة غنية وجذابة، مع تفاصيل دقيقة وأوصاف تصويرية جعلت القراء يشعرون بأنهم يعيشون داخل القصر ويشهدون الأحداث بأنفسهم.
- الرسائل والمضمون: تناول الرواية لقضايا الهوية، والاستعمار، والتحرر، ووضع المرأة في المجتمع التونسي لقي استحسانًا كبيرًا. القراء اعتبروا الرواية ليست مجرد قصة، بل هي أيضًا وسيلة للتأمل في هذه القضايا الاجتماعية والسياسية المعقدة.
الانتقادات
- الإيقاع والت pacing: بعض القراء أشاروا إلى أن وتيرة الأحداث في بعض الأجزاء كانت بطيئة، مما أثر على تدفق القصة. هذا جعل بعض الفصول تبدو مطولة وأحيانًا مملة.
- تعدد الشخصيات: بينما رأى البعض أن تعدد الشخصيات كان من نقاط القوة في الرواية، وجد آخرون أن هذا التعدد أحيانًا كان مربكًا وصعب المتابعة، خاصة بالنسبة للقراء الذين يفضلون التركيز على خط سردي رئيسي واحد.
- التاريخ والخيال: هناك من رأى أن المزج بين الحقيقة التاريخية والخيال كان غير متوازن في بعض الأحيان، مما جعل بعض الأحداث تبدو غير واقعية أو مبالغ فيها.
تقييمات على منصات القراءة
- Goodreads: حصلت الرواية على تقييمات إيجابية بشكل عام على منصة Goodreads. القراء أشادوا بالأسلوب الأدبي العميق والموضوعات التي تطرحها الرواية، ولكنهم أيضًا أشاروا إلى الحاجة لتحسين في بعض جوانب السرد.
- المراجعات الصحفية: النقاد في الصحف والمجلات الأدبية قدموا ملاحظات إيجابية حول الرواية، معتبرين إياها إضافة مهمة للأدب التونسي والعربي. أشادوا بقدرة الكاتبة على تصوير فترة تاريخية بشكل دقيق ومؤثر، بالإضافة إلى تطويرها العميق للشخصيات.
الخلاصة
“نازلة دار الأكابر” تعتبر رواية ناجحة على عدة مستويات، إذ تمكنت أميرة غنيم من جذب انتباه القراء من خلال سردها المميز ولغتها الغنية. رغم بعض الانتقادات المتعلقة بالإيقاع وتعدد الشخصيات، فإن الرسائل العميقة والقضايا التي تطرحها الرواية تجعلها عملًا أدبيًا يستحق القراءة والتأمل. تجارب القراء والنقاد تعكس أهمية هذا العمل في تقديم منظور جديد للتاريخ التونسي من خلال عدسة أدبية مبدعة.
في “نازلة دار الأكابر”، تقدم أميرة غنيم رواية ثرية بالأحداث والشخصيات، تجمع بين التاريخ والخيال بطريقة تجعل منها عملاً أدبيًا يستحق القراءة والتأمل. الرواية تسلط الضوء على قضايا جوهرية لا تزال ذات صلة في المجتمعات العربية المعاصرة، مما يجعلها إضافة قيمة للأدب العربي وللثقافة التونسية بشكل خاص.