في هذه الرواية يورطنا محمد عيسى المؤدب في لُغز من ألغاز مدينة تونس: حمام الذهب، وخرافة الجن الأحمر الذي يخطف الصبايا، بلغة لا تعول إلا على فصاحة السرد وحبكة مشوقة تمزج الواقعي بالخُرافي، مادته في ذلك كُله الحكاية الشعبية التونسية وهي تنعطف على حياة الأقليات في تونس وترصد تفاصيل إقامتهم في أحياء وسمت الذاكرة التونسية كالحلفاوين وباب سويقة والبلاد العربي وحي الحارة.

وفضلاً عن الدهشة الجمالية التي هي جوهر الحرفة الأدبية، نحن إزاء رواية تنبش في التاريخ المتأصل في الذاكرة الشفوية لمدينة تونس، حتى إنها تفاجئنا بحكايات شخصيات من الماضي التونسي، وتضعنا أمام السؤال الموجع لمصيرها الصادم.

إنه سؤال الخُرافة التي يبدو أنها ملاذ الأقلية مثلما هي ملاذ الأغلبية، أمام مصير التهجير والحروب والخوف وانكسار الآمال.

شجعني على قراءة هذه الرواية حبي للرواية التاريخية و ايضا أراء العديد من القراء. اكتشفت من خلالها قلم الروائي التونسي محمد عبسى المؤدب الذي له مسيرة حافلة في فن الأقصوصة و الرواية و الأدب. فتحت صفحة الإهداءات فوجدت الكاتب يشكر الدكتور المؤرخ الإعلامي القدير عبد الستار عمامو ففرحت و عشت قصة حمام الذهب. صحيح اني سمعت الأساطير و الحكايات حول حمام الذهب او حمام الرميمي من خلال الاذاعة ولكن طاب لي قراءتها من خلال الرواية يبقى ان الرواية لا يمكن ان أصنفها في الرواية التاريخية في رأيي لنقصان العمل التاريخي فالكاتب أراد من خلال كتابه تسليط الضوء على فترة تاريخية و مجموعة من الأقليات لم تجد حظها في كتب التاريخ أو لعل تاريخها طمس بنية مبيتة و هم يهود تونس العاصمة أو حارة اليهود في الربط. هؤلاء لدالذين فروا من إسبانيا بعد قمعهم و استقروا في ارجاء المغرب العربي خاصة بتونس في حماية سيدي محرز. الرواية تجوب بنا في مراحل تاريخية من البايات الى الحرب العالمية و الهولوكست الى أشهر ماقبل الثورة التونسية في 2010 عن طريق سرظ لذكريات شخصيات يهودية تونسية من أجيال مختلفة… لا أدري هل أراد الكاتب من خلال كتابه توضيح ماجرى لليهود في تونس في فتراهدت زمنية مختلفة أو خلق رؤية أخرى لأسطورة الحمام الذي يبلع الصبايا و ارتباط اليهود به و هو مجاور لمقام سيدي محرز. ايضا أراد انتصار العلاقات الإنسانية و الحب على الإختلاف و الأديان. انتصار الهوية التونسية على إختلاف المعتقد و ازاحة الكليشيات المعتادة في المجتمع. على كل أرهقتني بعض المقاطع التي فيها نوع من الرتابة وخاصة ان بعض المواقف تعاد بنفس الطريقة الأم و البنت كأن التاريخ يعيد نفسه. تعدد الأصوات أيضا و ذكريات بعض الشخصيات لم أشعر بلزومية وجودها كأوري و غيره… كما لم أفهم علاقة صنع شخصية نادية بجوهر الموضوع… الخاتمة لم تكن في مستوى المقدمة كأن الكاتب أنهكته الكتابة و أراد انهاء الكتابة في أقرب وقت… هناك تسرع غريب و قاتل للقارء… على العموم هي رواية تونسية محترمة في رأيي تستحق 3 نجوم على 5. و يبقى بالطبع رأي شخصي قابل للنقد

Fares BEN SOUILAH

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *