الموريسكية – حسنين بن عمّو: حين اكتشفت أم خوانا الموريسكية أن ابنتها تحمل في جيدها صليبا رفيعا صفعتها صفعة قوية تحمل كل معاني الخوف والرعب من الآتي، ولم تكن البنت على دراية بالسر الكبير الذي أفزع أمها، ولم تكن تلك الصفعة على الخد فحسب، بل تلتها صفعات أخرى في الذات وفي المعتقد، كانت أعتى وأعنف في المعاني وفي الأحداث، فقد تزامن ذلك مع صدور مرسوم الطرد الجماعي للموريسكيين من إسبانيا، وهم بقايا شتات الثمانية قرون من الحضارة الأندلسية، والسبب إرادة السلطة الحاكمة والكنيسة القضاء نهائيا على كل ما يمثله هؤلاء من لغة عربية ومن دين إسلامي ومن عادات وتقاليد ومن أعراق دخيلة. فتحرکت عجلة الكراهية والضغينة الضخمة تمثلها القوى السياسية والمدنية مسندة برؤوس الكنيسة الكاثوليكية المتعصبة مستعينة بأذرعها الرهيبة المتمثلة في محاكم التفتيش التي نفذت قرارات التهجير القسري لطائفة غير مرغوب فيها.

المؤلف: حسنين بن عمو

الناشر: دار نقوش عربية للنشر

اللغة: Arabe

انتهى تاريخ الحكم الإسلامي في الأندلس سنة 1492م، بعد ثمانية قرون من الازدهار و النهضة و التقدم في العلم و الأدب و الفن، و بعد استسلام أبو عبد الله محمد الثاني عشر آخر ملوك بني نصر.

تمكن القشتاليون من بسط نفوذهم على الأندلس بأكملها، و كان ذلك تحت لواء الملكة إيزابيلا و زوجها الملك فرديناند. و بقي أهل الأندلس هناك تحت سلطة الحكم القشتالي.. تم تنصيرهم قسرا و أصبح يطلق عليهم لقب “الموريسكيين” أو الموريسكوس باللغة القشتالية (أي المسيحيون الجدد أو الأندلسيون المسلمون الذين لم يتركوا أرضهم بعد سقوط حكم المسلمين) و هو لفظ ينمّ عن ميز عنصري واضح و صريح

رفضوا ترك الأندلس رغم اضطهاد محاكم التفتيش التي تبث عيونها و جواسيسها بينهم، متصيدة كلّ موريسكي تشك في إيمانه المسيحي و بالتالي في ولاءه. و كل من يقع في مصيدتها يكون مصيره الحرق، النفي أو الاستعباد لدى الإقطاعيين (أخف الأضرار).
طبعا ستسأل نفسك أين بقية المسلمين في العالم الإسلامي. و طبعا ستعرف الجواب.. لقد خذلوهم و تجاهلوهم جميعا، الأتراك، المماليك ، الحفصيون … و يبدو أن الخذلان عادة دارجة لدينا منذ قديم الزمان.

ومع ذلك، حافظ الموريسكيون على دين أباءهم و أجدادهم و مارسوا شعائرهم بسرية، و نقلوا إيمانهم و لغتهم و عاداتهم و تقاليدهم من جيل إلى جيل، رغم تشديد المراقبة عليهم و رغم حرق كتبهم و رغم منع اللغة العربية…

إلى أن تقرر ترحيلهم تماما من أراضيهم سنة 1610م، بتعلة عدم اندماجهم في المجتمع القشتالي و إصرارهم على البقاء على دين آباءهم و أجدادهم أو كما أطلق عليه القساوسة الدين المحمدي، دين الكفر و الإلحاد..رحلوا إلى المغرب و الجزائر و تونس و مصر ..و رحلوا أيضا إلى ما أطلقوا عليه العالم الجديد و هو القارة الأمريكية و خاصة إلى المكسيك.

في هذا الإطار، بنى الكاتب حسنين بن عمو روايته الجديدة، بطلتها خوانا الموريسكية، ذات السبعة عشر عاما.
عادت ذات يوم بعد موعد غرامي مع شاب قشتالي، تحمل في رقبتها سلسالا يتدلى منه صليب ذهبي. و كانت صدمة والدتها كبيرة جدا. ابنتها تعشق مسيحيا من عائلة متشددة تعادي الموريسكيين علنا و تكيد لهم المكائد..و كانت صدمة خوانا أكبر حين علمت أنها من عائلة مسلمة أخفت إيمانها حتى عنها لحمايتها..
ومن هنا انقلبت الأمور رأسا على عقب. فكيف يقلب الحب الحياة جحيما؟ كيف يكون الحب سببا في مصائب كثيرة تحدف من كل صوب على عائلة بأكملها.. سنتابع كل هذا في حكاية خوانا الموريسكية.

كعادته، ينقل الكاتب حسنين بن عمو كما هائلا من المعلومات التاريخية في شكل حكاية مشوقة و بطريقة بسيطة كي يسهل على الجميع فهمها.
ركّز في هذا الجزء على معاناة الموريسكيين و على الظلم المسلط عليهم. على مقاومتهم و صبرهم .. عن الألم و الفقد.. عن التشرد و ضياع الوطن..
نلاحظ أيضا بروز ثنائية الحب و العداء بقوة في هذا الجزء.. كيف يموت الحب في مجتمع مشحون بالكراهية و التعصب.


الرواية فيها مقاطع مؤلمة و أشدها ألما اعتداء ألفونسو دي صولينا على خوانا و استباحة جسدها.. و هو ما فعله القشتاليون بالأندلس..
مقاطع تعذيب إيزابيلا بين أروقة محاكم التفتيش لا تقلّ قسوة عما سبق ..
أنتظر بشوق قراءة الأندلسية لأعرف ما سيحلّ بخوانا حين تصل إلى تونس

Marwa Reading Passion

2 thoughts on “الموريسكية – حسنين بن عمّو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *